الحرب في زمن السلام بقلم الاديب طارق العابودي

 الحرب في زمن السلام

تحت ظلال الليل تلوح الأعلام،

تتجمع الجيوش في زحامٍ مُدام.

تشتعل النيران في الأفق البعيد،

تحرق ما تبقى من ودٍ واحترام.

يا أرض الأبطال، ماذا جرى؟

أين السلام؟ هل ضاعت القيم؟

أطفالٌ يبكون، وقلوبٌ تنزف،

تُروى قصص الألم في كل فم.

فاطمة ذات العشر، تُخبئ الدمى،

تنتظر والدها، تتمنى المنى.

أحلامها الصغيرة تذوب في الدخان،

تحمل دميتها، وتبكي في كل مكان.

"أين أبي؟ لماذا لم يعد؟" تسأل في قلق،

تُخفي آلامها خلف الابتسامة، لكن الروح تنزف.

وعلى المقعد، شيخٌ حكيم،

يستذكر ضحكات العيد والأحلام.

شعره الأبيض يشهد على زمنٍ مضى،

تجاعيده تخبر قصة الألم والندم.

"كيف كانت أيامنا مليئةً بالفرح،

والآن تتلاشى أحلامنا كعطرٍ في الرياح."

ومقاتلٌ عاد من خضم المعارك،

يُحدثهم عن شجاعة الأبطال،

يسترجع أصدقاءه الذين ضاعوا،

كأنهم أشباحٌ تسكن ذاكرته الغالية.

"لقد فقدت الأصدقاء في لحظةٍ عابرة،

لكنني أعود اليوم لأزرع الأمل في قلوبٍ صابرة."

أمٌ تبحث عن ذكريات طفلها،

تزرع الزهور في حديقةٍ صغيرة،

تتحدث بحنانٍ عن حلمٍ لرؤية ابتسامة،

تُعاهد نفسها على تحقيق الأماني الكبيرة.

"سأعلم أبنائي أن الحب هو السلاح،

وبالتضامن نبني غدًا مفعمًا بالانشراح."

وفي زاوية أخرى، حبٌ ينمو،

بين شاب وفتاة، يُخططان للغد.

تتلامس أيديهما في خجلٍ ورجاء،

كأنهما يزرعان شجرةً في قلب الدمار.

"سنعيش بسلام، سنعيد بناء وطننا،

نُغسل جراح الماضي بماء الأمل."

لكن هناك لاجئون،

يُعانون في طرقٍ وعرة،

تتبعثر أحلامهم كأوراق الخريف،

تسقط من شجرةٍ بلا ثمار.

تتوسل الأمهات في صمتٍ مرير،

أن يعودوا إلى وطنٍ كان ماضيهم.

"نحن هنا، رغم الألم، نأمل في غدٍ مشرق،

تتلاقى الأيادي، تبني أحلامًا مُشرقة."

تتلاشى الطبيعة، ويتحطم الجمال،

تتبدد الأزهار تحت وطأة الدمار.

لكن في قلب كل مدينةٍ جريحة،

تتراقص أحلامٌ كأسراب الفراشات،

تبحث عن ضوءٍ في ليلٍ حالك،

تُضيء قناديل الأمل في كل زقاق.

في وسط الدمار، تنمو زهرة الأمل،

تتحدى العواصف، لكن جذورها تتألم.

كالنسيم يهب في صباح جديد،

يُعيد الحياة إلى القلوب المنهكة.

كالعصافير تعود إلى أعشاشها،

تغني لحن الفرح بعد أنين.

كالمطر الذي يروي الأرض العطشى،

يُغسل الأوجاع، ويُجدّد الأحلام.

تتراقص الأمل كأشعة الشمس،

تلمع في الأفق بعد العواصف.

تتفتح الأزهار من بين الأنقاض،

تحتضن الحياة، تعود بعد سكون.

في حضن التضامن، تتشابك الأيدي،

نزرع الحب كالبذور في الأرض.

تتردد الضحكات بين الأصدقاء،

تتلاقى الأرواح كالأمواج في البحر.

تتحد في مواجهة العواصف،

وتنمو معًا في ضوء الشمس.

تحت سماء زرقاء، ترقص الألوان،

تتفتح الأزهار، وتزهر الأماني.

الأمل يزهر في قلوب الصغار،

يكتبون قصصًا من نور الحياة.

يتعلمون من الماضي، ويصنعون الأمل،

يخطون بأقلامهم مستقبلهم المشرق.

تلتف العائلات حول مائدة،

تتشارك الذكريات، تُعيد الأمل.

لكن هناك من فقدوا سبل العيش،

تسعى الأمهات لتعليم أبنائهن،

لتضيء عقولهم، وتعيد لهم الكرامة.

فالتعليم هو القوة،

وبالتوعية نعيد الأمل للأجيال.

لأن الحب هو الوطن، والتضحية هي الطريق،

فلنحمل رايات السلام، ولنجعل الأمل هو السلاح.

وفي ساحةٍ تجتمع فيها الأيادي،

يتنادى الناس، يزرعون الأمل في البلاد.

"لنبدأ من جديد، نعيد بناء الوطن،

نزرع السلام في الأرض، ونحصد الأمان."

طارق العابودي


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المهاجر بقلم الشاعرة رابعة اجبارة

الا تشتاقي بقلم الشاعر محمد عطية

بعزي نفسي ويأخذ التعازي بقلم حليم محمود ابو العيلة